التعامل مع أحد أفراد الأسرة المصاب بطيف التوحد
داخل كل أسرة، لا يهم إذا كانت أسرة صغيرة أو كبيرة تضم العديد من الأطفال، هناك علاقات متنوعة وتعقيدات مختلفة تؤثر على أداء الأسرة. للوحدة الأسرية أهمية ومعنى عميقان لكل واحد منا، ونحن جميعًا نتوق إلى الشعور بمشاعر الدفء، الحب، الدعم، الانتماء، التفاهم والقبول فيها. ومع ذلك، في الواقع، لا يوجد هذا الانسجام دائمًا، وهناك عدد غير قليل من العائلات التي تواجه مواقف فريدة وتحديات معقدة.
في المقال التالي سوف نتناول صراعات الأسر التي يوجد فيها ابن أو ابنة مصابة بطيف التوحد. كيف يتم التعامل مع الصعوبات التي تنشأ في المنزل وفي العلاقات الأسرية وكيف يكون الرد الصحيح على أنماط السلوك المختلفة وغير العادية؟ كيف يمكن مساعدة ودعم ابن أو ابنة الأسرة المصابين بطيف التوحد وما هو المهم معرفته من أجل تلبية احتياجاته او احتياجاتها الفريدة وتحقيق الإمكانات الشخصية وتحقيق نوعية الحياة؟
بالطبع هناك اختلافات كبيرة بين الأشخاص الذين يعانون من مرض التوحد عالي الأداء والأشخاص ذوي الأداء المنخفض، ولكن الجميع يستحق الحصول على الدعم، التفهم وفرصة متساوية ليعيشوا حياة كاملة وذات معنى.
تفهم الاختلاف
بادئ ذي بدء، من المهم أن نتذكر أن الأشخاص المصابين بطيف التوحد ينظرون إلى العالم بشكل مختلف عنا. قد يواجهون صعوبة في التواصل الاجتماعي وفهم الإشارات الاجتماعية، أو يعانون من فرط الحساسية أو نقص الحساسية للمحفزات الحسية، أو يجدون صعوبة في التغييرات في الروتين والتركيز على مجالات محددة من الاهتمام بطريقة معينة أو يميلون إلى الالتزام بأنماط السلوك المتكررة. كل هذه سلوكيات محتملة، ولكنها ليست ضرورية، وفي الواقع كل شخص مصاب بطيف التوحد لديه مجموعة شخصية من الخصائص، ومن المهم التعامل مع كل واحد منهم كفرد. إذا تمكنا من التعرف على الخصائص الفريدة لأفراد عائلتنا، فسنكون قادرين على فهمهم بشكل أفضل وتقديم الاستجابة المناسبة لاحتياجاتهم. .
بناء العلاقة
إن بناء علاقة إيجابية وداعمة مع ابن او ابنة الأسرة المصابين بطيف التوحد هو المفتاح لاستمرار التطور الجيد وتحقيق الرفاهية لهم. أساس كل هذا هو خلق التواصل الجيد، والذي يمكن تحقيقه بمساعدة بعض الإجراءات البسيطة:
- الحرص على استخدام لغة واضحة ودقيقة مع جمل قصيرة (بالطبع وفقاً للعمر ومستوى الأداء الوظيفي).
- إعطاء الوقت لمعالجة المعلومات وتقديم الرد.
- التحلي بالصبر والانتباه، حتى عندما يكون التواصل صعبًا (خاصة عندما يتعلق الأمر بشخص يتمتع بمهارات لغوية ومهارات تواصل منخفضة).
- احترام الحاجة إلى المساحة الشخصية.
علاوة على ذلك، من المهم أن نأخذ في الاعتبار التحديات والاحتياجات الخاصة لأفراد الأسرة. حاولوا أن تتعلموا معرفة المحفزات والامور التي تهدئه، وبالطبع – احرصوا على الاستماع والأخذ في عين الاعتبار مشاعره او مشاعرها، حتى لو تم التعبير عنها بطرق غير تقليدية.
الدعم والتمكين
للأسرة دور حاسم في تقدم وتطور ابن او ابنة الأسرة على الدوام. هناك العديد من الإجراءات التي يجب الاهتمام بها وتنفيذها للمساعدة في تقدمهم وتمكينهم الشخصي:
- التشجيع على تنمية الاهتمامات الشخصية.
- توفير فرص التعلم والخبرة.
- المساعدة في دخول الفئات الاجتماعية في المدرسة وفي فصول بعد الظهر حول الاهتمامات الشخصية.
- دعم الاستقلال قدر الإمكان.
- مدح الإنجازات والنجاحات (حتى لو كانت صغيرة).
بالإضافة إلى ذلك، من المهم أيضًا أن نتذكر الأطفال الآخرين في العائلة، وليس فقط الصبي أو الفتاة المصابين بالتوحد. كما يحتاج الأطفال الآخرون في المنزل إلى رؤيتهم، الاستماع إلى احتياجاتهم ومنحهم الاهتمام. حاولوا تنمية علاقة إيجابية معهم، الحفاظ على تواصل مفتوح، مشاركة المشاعر والمساعدة في التأقلم.
رعاية جميع أفراد الأسرة
عند الحديث عن العلاج الملائم، من المهم الإشارة إلى عدة طبقات في الأسرة:
العناية بابن أو بابنة الأسرة المصابين بطيف التوحد
من المهم جدًا الحصول على تقييم متخصص وبناء خطة علاج شخصية. يمكن أن تشمل خطة العلاج العلاجات الطبية والسلوكية، العلاج الوظيفي، العلاج بالنطق والمزيد. من المهم التعاون مع الفريق المحترف وتنفيذ التوصيات المقدمة لتحقيق التحسين والتقدم في التطوير.
الرعاية والدعم لبقية أفراد الأسرة
قد يمثل التعامل مع تربية الطفل او الطفلة المصابين بطيف التوحد تحديًا عاطفيًا وجسديًا لجميع أفراد الأسرة. لتسهيل الأمر على الجميع وتحسين الجو في المنزل، من المستحسن استخدام الدعم المناسب (فردي أو جماعي) مع توجيهات الوالدين. بالإضافة إلى ذلك، من الممكن الحصول على المساعدة من أفراد الأسرة الآخرين، مثل الجد والجدة، ومشاركتهم في التعامل مع الوضع ومنحهم الفرصة للمساعدة.
تنمية العلاقة الزوجية
إن الصراع والصعوبات التي تواجه تربية الصبي أو الفتاة المصابين بالتوحد يمكن أن تسبب الكثير من التوتر والخلافات بين الوالدين. كما يمكن أن تؤدي التكاليف المرتفعة للعلاج والدعم المهني إلى أزمات واحتكاكات بسبب الضغوط الاقتصادية. حاولوا ألا تهملوا العلاقة مع الشريك او الشريكة، واستخدموا العلاج الزوجي عند الضرورة واحرصوا على رعاية العلاقة بانتظام (على سبيل المثال، موعد بين الزوجين مرة واحدة في الشهر).
رؤية المستقبل
يعلم كل والد لأطفاله أن الاهتمام بمستقبلهم ورفاههم لا ينتهي أبدًا. فكيف عندما يكون، والد او والدة صبي أو فتاة مصابة بالتوحد، الذي من المرجح أن يحتاج إلى الدعم والمساعدة طوال الحياة.
في سنوات المراهقة للصبي أو الفتاة، من المفيد التفكير في الاندماج المستقبلي في المجتمع وعالم العمل، وكذلك التحقق من الخيارات المختلفة المتعلقة في الخدمة العسكرية المستقبلية (في السنوات الأخيرة، تم وضع فتح عدد من البرامج المحددة لهذه الفئة من السكان - مزيد من المعلومات في المقالة حول الحقوق والخدمات للبالغين في طيف التوحد). من المستحسن محاولة تقوية مهاراتهم المتميزة والبحث عن طرق لتنميتها. يمكنك الاستعانة بالمشورة المهنية والمساعدة في بناء خطة منظمة لمراحل التحول في الحياة والحصول على الاستقلال، من أجل تحقيق جودة الحياة.
في النهاية، إن رحلة الأسرة، حتى لو كانت معقدة ومحفوفة بالصعوبات، تساهم في استقرار وقوة المرونة الداخلية لجميع أفراد الأسرة. ومن المهم معرفة كيفية تعزيز العلاقات في الأسرة، من خلال التواصل المفتوح، التفاهم، الصبر، الحب والدعم المهني. هذه هي الطريقة الوحيدة للحفاظ على الاستقرار، التفاؤل وقوة الأسرة، ومساعدة ابنكم أو ابنتكم من ذوي الاحتياجات الخاصة على تحقيق إمكاناتهم والعيش حياة كاملة.
ساعد في إعداد المقال: عيدو ميخائيلي -عاشور، معالج النطق، قسم التوحد في وزارة الصحة ومدير مركز "شافيم" في القدس.