دليل للأهل: فهم ودعم المراهقين
كأهل للمراهقين نحن نفكر بالعديد من الأسئلة المتعلقة بالعلاقة معهم وكيفية الاستمرار في الحفاظ على علاقة جيدة تسمح بالانفتاح، الحوار والقدرة على التحدث عن القضايا المعقدة أيضًا. قد يشعر الآباء في كثير من الأحيان أن الأدوات التي استخدموها حتى اليوم لم تعد مُجدية وغير مناسبة لأعمارهم. نحن نريد الحفاظ على علاقات جيدة، تشجيع الاستقلالية والنجاح في وضع الحدود، ولكن كيف نفعل ذلك في مواجهة تحديات سن المراهقة؟
هذه مجرد خطوة على الطريق إلى مرحلة البلوغ
بادئ ذي بدء، تجدر الإشارة إلى أن مرحلة المراهقة هي مرحلة نمو مهمة ومركزية في الانتقال من الطفولة إلى مرحلة البلوغ. يمكن أن يبدأ سن البلوغ اليوم في سن العاشرة، وهو يشمل عمليات النضج الجسدي إلى جانب النضج العاطفي والمعرفي. طوال عملية النمو، هناك مراحل يبدأ خلالها الصبي أو الفتاة في ترسيخ مكانتهم كأصحاب رأي، تناول القضايا المتعلقة بالهوية، التفكير في المستقبل، بناء نظامهم الاجتماعي الذي سيحتل مكانة أكثر مركزية، وخوض تجارب مختلفة تمثل بالنسبة لهم مدخلًا إلى عالم الكبار.
سيتجاوز كل طفل وطفلة مرحلة البلوغ بطريقة مختلفة قليلاً تعكس شخصيته، بيئته ونظام الدعم من حوله. في بداية سن المراهقة، تكون الخلافات مع البالغين وخاصة مع الوالدين، العناد، الحساسية تجاه الانتقادات واختبار الحدود أمورًا شائعةً جدًا. لاحقاً، ستظهر أسئلة تتعلق بالهوية، حول تفرد الطفل او الطفلة أمام الوالدين والآخرين، بلورة مفهوم القيم، والرغبة في تنظيم الجدول اليومي وفقاً للأولويات الشخصية. إلى جانب ذلك، من الشائع أيضًا رؤية تغير في ساعات النوم (الذهاب إلى الفراش متأخرًا، مواجهة صعوبة في الاستيقاظ في الصباح وعندما يكون مجال ينامون حتى الظهر)، تغير في التوازن بين العائلة والأصدقاء، قضاء وقت أطول أمام الشاشة أو مع الأصدقاء وغير ذلك.
وبما أن سن المراهقة يتميز بكل هذه التعبيرات، فمن الصعب أحيانًا معرفة ما إذا كان ابنك أو ابنتك يعاني من ضائقة نفسية أو اجتماعية كبيرة ومتى يكون سلوكه طبيعيًا.
التحديات والصعوبات في واقع معقد
لقد شهدنا في السنوات الأخيرة وعيًا متزايدًا في مجال الصحة النفسية، إلى جانب زيادة مثيرة للقلق في عدد الشباب والأطفال الذين يعانون من الاضطرابات والمشاكل النفسية.
يواجه المراهقون الذين بيننا في السنوات الأخيرة حالة معقدة من عدم الاستقرار والمخاوف بشأن الحياة اليومية، بما في ذلك وباء كورونا وفترة الحرب. خلال هذه الأوقات، عانى العديد من المراهقين من العزلة الاجتماعية، الصدمات والتغيرات في الروتين، بل إن بعضهم تعرضوا بشكل مباشر لعواقب الإرهاب والقتال الطويل. يتم تجنيد العديد من الآباء للحرب ويواجهون معضلات ومخاوف نموذجية لتلك الفترة المعقدة، والتي تؤثر بالطبع على بنية الأسرة.
بالإضافة إلى ذلك، يواجه المراهقون اليوم واقعًا مختلفًا عن الواقع الذي نشأ فيه جيل الآباء، ويرجع ذلك أساسًا إلى التعرض الكبير والمباشر لوسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي. تتيح لهم المساحة الرقمية التواصل مع مراهقين آخرين والعديد من مجالات الاهتمام، إلى جانب التعرض للمخاطر، العاطفة الجياشة، الإدمان وغير ذلك الكثير. كأهالي، من المهم والضروري أن نجري حوارًا حول استخدام الفضاء الرقمي، من أجل إيجاد التوازن السليم مع روتين ترفيهي متنوع يتضمن لقاءات مع الأصدقاء، ممارسة النشاط البدني والأنشطة الهادفة.
إذا كنتم لا تزالون تشعرون بأن الشاشات أصبحت عالم المراهقين بأكمله، فمن المستحسن طلب المشورة والمساعدة المهنية (طبيب الأطفال، مستشارو المدارس، أخصائي علم النفس التربوي أو السريري) والحصول على إرشادات حول كيفية العودة إلى روتين متنوع. حاولوا تشجيع المراهقين على تنويع أوقات فراغهم ، ممارسة الرياضة بانتظام، مقابلة الأصدقاء وتحديد ساعات مشاهدة الشاشة. ومن المهم أيضًا توجيههم إلى عدم النوم أثناء تشغيل الجهاز المحمول بجوار السرير، وانما الدخول الهادئ للنوم من خلال روتين منتظم يتمثل في الاستحمام، قراءة كتاب، الاستماع إلى الموسيقى وما شابه. في حالة تعرضهم لمحتوى يتضمن التهديد، الإساءة أو محتوى صادم، يجب أن يعلموا أنه يمكنهم دائمًا مشاركتكم بذلك وتلقي الدعم منكم، الاستعانة بكم للتوجه لتلقي المساعدة المهنية والتفكير في كيفية تقليل تأثير المحتوى الصعب وحتى التأقلم بعد ذلك.
من المهم التذكير
من المهم التذكير
يمر ابنكم أو ابنتكم بفترة من النضج الفسيولوجي، المعرفي، العاطفي والاجتماعي. في بعض الأحيان تتضمن هذه العملية تغيرات في الحالة المزاجية، الميل إلى العصبية، الغضب ورفض عالم البالغين ووضع الحدود. يمر كل فرد بعملية النمو بطريقة فريدة ووفقًا لطبيعته، الصعوبات ونظام الدعم الذي يملكه. هناك فتيان وفتيات يعانون من حالات نفسية خطيرة خلال فترة المراهقة، لذلك إذا ظهرت عليهم علامات مثيرة للقلق، فيجب التوجه لاستشارة متخصص، الخضوع للتشخيص والحصول على المساعدة.
صعوبات واضطرابات شائعة في سن المراهقة
يواجه المراهقون مجموعة العديد من التحديات النفسية والاجتماعية، التي تؤثر على مجالات مختلفة من الحياة وعلى تطورهم الشخصي:
5 نصائح ذهبية لعلاقة جيدة مع المراهقين
لمعرفة كيفية التعامل مع المراهقين وكيفية دعمهم، حاولوا الالتزام ببعض المبادئ:
-
1قضاء وقت ممتع معًا
ابقوا على اتصال، خصصوا وقتًا للاستماع إليهم، وقوموا بأشياء ممتعة ومهمة معًا.
-
2لا تدعوا الغضب يتراكم
يجب أن تحاولوا إنهاء كل يوم بتصريح إيجابي ويعبر عن الاهتمام والسماح بفتح صفحة جديدة في اليوم التالي.
-
3تنفسوا قبل التحدث
عندما تشعرون بشعور قوي أو فورة عاطفية، اسمحوا للأمور بالهدوء قبل بدء المحادثة مع ابنكم أو ابنتكم.
-
4أعطوا مساحة ومصداقية للمشاعر والأفكار
حاولوا التقليل من إصدار الأحكام وأعطوه مساحة للتعبير عن آرائه ومشاعره.
-
5حاولوا أن تبقوا التواصل مفتوحا
شاركوا أفكاركم مع ابنكم أو ابنتكم، حتى يفهموا الأسباب والقلق والقيم الكامنة وراء قراراتكم.
العلامات التحذيرية التي من المهم معرفتها
هناك بعض العلامات والسلوكيات التي تتطلب الاهتمام المهني:
- تغيرات سلوكية كبيرة: مثل التسرب من المدرسة، التجول على نحو خطير، العزلة الاجتماعية وعدم التواصل مع البيئة.
- تغيرات في أنماط الأكل وتصور الجسم: مثل الأنظمة الغذائية غير المنضبطة، القيء المتعمد، النشاط البدني المفرط والتصور السلبي للجسم.
- الصعوبات العاطفية والحالات المزاجية: الحزن المستمر، نوبات الغضب التي لا يمكن السيطرة عليها، العصبية التي تستمر معظم اليوم أو تصل إلى الحدة العاطفية، التقلبات المزاجية المتطرفة، والنقد الذاتي القاسي والمدمر.
- شكاوى جسدية متعددة: مثل الصداع، آلام المعدة وغيرها من الشكاوى دون سبب طبي واضح.
- علامات الضيق الشديد: تعاطي الكحول أو المخدرات، التصريح بإيذاء النفس، الأفكار أو الأفعال الانتحارية، ليالي طويلة بدون نوم، الأوهام، سماع الأصوات.
من المهم التوضيح
من المهم التوضيح
إذا كان الطفل أو الطفلة يعاني من حالة خطيرة أو يفكر بالانتحار، فمن المهم التوجه فورًا لإجراء تقييم في قسم طوارئ الطب النفسي المفتوح على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع دون الحاجة إلى إحالة أو التزام.
لتلخيص الموضوع، من المهم التأكيد على أنه على الرغم من أن سن المراهقة يمكن أن يمثل تحديًا لكم ولأطفالكم، إلا أنه في الوقت نفسه يجب أن نتذكر أن هذه فترة انتقالية وطبيعية في الطريق إلى النمو الصحي. إن التحديات التي تواجهونها اليوم – الجدالات، التوتر والمخاوف - هي جزء من عملية يتعلم فيها أطفالكم معرفة أنفسهم وبناء هويتهم المستقلة. إن محبتكم، حضوركم المستمر وقدرتكم على التواجد من أجلهم، حتى في أصعب اللحظات، هي البوصلة التي ستساعدهم على خوض سن المراهقة بأمان. أنتم لستم وحدكم في هذا الصراع - هناك العديد من العائلات التي تواجه تحديات مماثلة، وهناك مختصون سيكونون سعداء بتقديم الدعم والإرشاد لكم على طول الطريق. مع التحلي بكثير من الصبر، التفهم والمحبة، ستخرجون أنتم وأطفالكم من هذه الفترة أقوى، مع رابط عائلي أعمق وأكثر أهمية.