الرضاعة الطبيعية الحصرية
للرضاعة الطبيعية فوائد عديدة، سواء للرضع أو للأمهات. إذا اخترتِ الإرضاع – اعلمي أنكِ تقدمين الغذاء الأنسب للرضيع، الذي يتغير وفقًا لعمره وتطوره. حليب الأم يزوّد الجسم بالمواد الخام المناسبة للبشر، ويشكل الأساس للنمو المتسارع للجسم، وخاصة للدماغ والعينين، الذي يحدث خلال هذه الفترة الحرجة. الرضاعة الطبيعية تشجع نمو البكتيريا الصديقة في الميكروبيوم الخاص بجهازنا الهضمي، وبالتالي تؤثر على صحة الأطفال على المدى القصير والبعيد. بالإضافة إلى ذلك، فهي تساعد في بناء جهاز مناعة قوي يحمي من الالتهابات والعدوى. كما أن الرضاعة الطبيعية تساعدكِ أنتِ أيضًا في التعافي من الولادة، تحافظ على صحتك، وتساهم في تعزيز العلاقة بينكِ وبين طفلكِ أو طفلتكِ.
لمزيدٍ من المعلومات حول إيجابيات الرضاعة
ما هي الرضاعة الطبيعية الحصرية؟
الرضاعة الطبيعية الحصرية تعني تغذية الرضيع بحليب الأم فقط (أو بحليب أم مبستر من متبرعة عبر بنك حليب الام الوطني)، دون إضافة أي سوائل أو أطعمة أخرى. توصي وزارة الصحة بالرضاعة الطبيعية الحصرية خلال الأشهر الستة الأولى من حياة الرضيع أو الرضيعة. لا حاجة لإضافة الماء في هذا العمر لأن حليب الأم يوفر كمية كافية من السوائل، ولكن يجب إعطاء المكملات التي توصي بها وزارة الصحة وهي فيتامين د والحديد، وإذا كان الطفل أو الطفلة مريضى – يجب إعطاؤهم الأدوية وفقًا لتعليمات الطبيب أو الطبيبة المعالجين.
خلال النصف الأول من السنة بعد الولادة، كلما طال أمد الرضاعة الطبيعية الحصرية – زادت الفائدة لصحة الرضيع أو الرضيعة: أظهرت الأبحاث أن هناك نسبًا أقل من الأمراض المعدية، السمنة أقل ونموًا أفضل مقارنة بالرضاعة المختلطة مع الحليب الصناعي أو الرضاعة بالحليب الصناعي فقط. بالإضافة إلى ذلك، فإن جهاز الهضم لدى الرضع حساس جدًا، والامتصاص فيه ملائم لتركيبة حليب الأم. من الجدير بالمعرفة أن حليب الأم يحتوي على مئات المركبات المختلفة، ومن خلاله يتم نقل مكونات فريدة إلى الرضع تساعد في بناء جهاز مناعي يتلاءم مع بيئتهم، مما يخدمهم الآن وفي المستقبل. في الواقع، يساعد حليب الأم الرضع على تحقيق أقصى إمكانيات نموهم.
الرضاعة الطبيعية عمومًا، وخاصة الرضاعة الحصرية، تساهم أيضًا في صحتكِ – إذ تقلل من خطر الإصابة بأمراض مثل سرطان الثدي وسرطان المبيض، السكري، ارتفاع ضغط الدم، النوبات القلبية والسكتات الدماغية. لذلك، من المستحسن محاولة الرضاعة الطبيعية من البداية والاستمرار طالما كنتِ قادرة.
أنا أرضع، لكن ما المشكلة في إضافة حليب صناعي (تركيبة حليب صناعي للرضع)؟
- غذاء فائق المعالجة: تركيبة غذاء للرضع (حليب صناعي) مصنوعة من حليب البقر، الذي يناسب العجول. يتم تعديل حليب البقر عبر عمليات مختلفة ليكون ملائمًا لاحتياجات نمو الرضع، لكن النتيجة هي غذاء فائق المعالجة. ومع مرور السنين، أصبح مفهوماً أكثر أن تناول الأغذية فائقة المعالجة قد يسبب مجموعة متنوعة من المشاكل الصحية.
- نقص في المكونات المناعية: يحتوي الحليب الصناعي على حوالي 40 مكونًا فقط، ويفتقر إلى مئات المكونات المتعلقة بجهاز المناعة وتطور الدماغ والتي توجد في حليب الأم. حتى في أنواع الحليب الصناعي التي تُسوّق كـ"فاخرة" والتي تحتوي على أنواع سكريات مشابهة لتلك الموجودة في حليب الأم، لا تزال لا تحتوي على نفس المكونات – لا من حيث الكمية ولا من حيث التنوع.
- تغيير في الميكروبيوم: التعرض للحليب الصناعي يؤدي أيضًا إلى تغيير في الميكروبيوم ويرفع من خطر الإصابة بالأمراض
بسبب الفرق الكبير بين الحليب الصناعي وحليب الأم، يمكن ملاحظة اختلاف في العديد من مؤشرات الصحة بين الأطفال الذين يرضعون رضاعة طبيعية والأطفال الذين يتغذون على الحليب الصناعي: الأطفال الذين لا يرضعون حليب الأم معرضون أكثر للإصابة بالأمراض المعدية وللسمنة، كما أن تطورهم العقلي يكون أقل مقارنة بالأطفال الذين يرضعون رضاعة طبيعية حصرية. أما الأطفال الذين يتغذون على حليب الأم مع إضافة حليب صناعي، فمؤشراتهم الصحية تكون وسطية، مما يدل على التأثير السلبي لإضافة الحليب الصناعي إلى الرضاعة الطبيعية.
لماذا يجب اختيار الرضاعة الطبيعية الحصرية مباشرة بعد الولادة؟
تكمن أهمية الرضاعة الطبيعية الحصرية بشكل خاص في الأيام الأولى بعد الولادة:
- لإنتاج حليب الأم: يتعلم الجسم ما هي كمية الحليب التي يجب إنتاجها بناءً على طلب الرضيع أو الرضيعة. حتى لو لم يخرج الحليب في البداية، فإن اتصال الطفل بالثدي يحفّز الثدي ويرسل إشارة للجسم لبدء إنتاج الحليب. إذا حصل الرُّضع على مشروب آخر غير حليب الأم (مثل الحليب الصناعي أو الماء)، فإنهم سيطلبوا الرضاعة أقل، وبالتالي لن يتلقى الجسم إشارة كافية لتلبية احتياجاته. في الواقع، إضافة الحليب الصناعي في الأيام الأولى، حتى بكميات صغيرة، هي السبب الأكثر شيوعًا لانخفاض إنتاج الحليب بل وحتى توقفه.
- لتعلم عملية الرضاعة: يحتاج الرضع إلى تعلم كيفية الرضاعة، والرضاعة تختلف كثيرًا عن الشرب من الزجاجة. التغذية بالزجاجة خلال هذه الفترة الحاسمة من التعلم قد تصعّب عليهم تعلم الرضاعة الصحيحة. مجرد اتصال الرضيع أو الرضيعة بالثدي هو جزء من عملية التعلم. الرضاعة غير السليمة تزيد من خطر إصابة الثدي بجروح. تشير الأبحاث إلى أن إضافة الحليب الصناعي في مستشفى الولادة قد تضر بنجاح الرضاعة الطبيعية لاحقًا.
- لمنع تطور الحساسية للحليب: في هذه المرحلة، لا تزال خلايا الأمعاء غير متطورة بما فيه الكفاية لاستقبال البروتينات، مما يسمح للمواد بالمرور بسهولة إلى مجرى الدم. قد يكون هذا هو السبب في أن الدراسات العلمية تظهر أن التعرض للحليب الصناعي القائم على حليب البقر خلال هذه الفترة الحرجة يزيد من خطر تطور الحساسية لبروتين حليب البقر لاحقًا.
من خلال الرضاعة الطبيعية الحصرية، يتم تأسيس الرضاعة منذ الأيام الأولى، مما يمهّد الطريق لاحقًا لرضاعة أسهل بل وربما ممتعة.
لستُ متأكدة أنني سأنجح في الاستمرار لستة أشهر، كيف أتعامل مع التحديات؟
أهم شيء هو أن تؤمني بنفسكِ، أن تثقي بجسمكِ، وأن تتعرفي على العملية الطبيعية التي تمرين بها أثناء الرضاعة الطبيعية وخاصة في بدايتها. أحيانًا قد يبدو وكأنه لا يوجد لديكِ كمية كافية من الحليب، وأحيانًا تظهر تحديات في الطريق، ولكن قبل أن تتخلي عن الرضاعة الطبيعية الحصرية وتعطي إضافة من الحليب الصناعي، من الأفضل محاولة التعامل مع هذه التحديات بطرق متنوعة أثبتت فعاليتها، بحسب عمر الرضيع أو الرضيعة:
نصيحة
نصيحة
من المستحسن تحضير عدة وجبات من الحليب المضخوخ وتخزينها في الفريزر لاستخدامها عندما تكون هناك حاجة لإطعام الرضيع أو الرضيعة بطريقة أخرى غير الرضاعة المباشرة.
الرضاعة الطبيعية هي فترة قصيرة نسبيًا من الحياة، ومع ذلك لها تأثير كبير على صحتكِ وصحة رضيعكِ أو رضيعتكِ، الآن وفي المستقبل، وعلى تطورهما ليس فقط في مرحلة الرضاعة والطفولة بل طوال الحياة. تتعرض الأمهات للكثير من الإعلانات والهدايا والنصائح التي تشجع على إعطاء الحليب الصناعي، ولكن من المهم أن تتذكري أن شركات الحليب الصناعي هي جهات تجارية، وأن هدفكِ هو تعزيز صحة طفلكِ أو طفلتكِ وتطورهما. أحيانًا قد تسمعين نصائح غير مهنية أو غير محدثة حتى من بعض أفراد الطاقم الطبي الذين لم يتلقوا تدريبًا كافيًا حول حليب الأم والرضاعة الطبيعية. لذلك من الأفضل دائمًا استشارة جهة مختصة مثل ممرضات مركز رعاية الأم والطفل أو مستشارات الرضاعة.
وأخيرًا، خصصي لنفسكِ كل يوم لحظة لتقدري نفسكِ على هذه العطاء الجميل، واستمتعي بطفلكِ أو طفلتكِ – فهم يكبرون بسرعة مذهلة.