تحديد، تشخيص وعلاج مشاكل السمع
يبدأ فقدان السمع عند الأطفال الذين يعانون من ضعف سمع كبير بالفعل أثناء الحمل. خلال الأسابيع الـ 12 الأخيرة من الحمل، يستجيب جهاز السمع لدى الجنين للأصوات وأصوات الكلام. عند الأطفال الذين يولدون مع عدم القدرة على سماع الأصوات والكلام في بيئتهم بعد الولادة، لا يتمتع الجهاز السمعي بالقدرة على أن يكون فعالاً وبالتالي يبدأ حدوث تأخر في النمو.
معنى التشخيص المبكر
إن القدرة السمعية الطبيعية لدى الرضع والأطفال لها تأثير كبير على تطور مهاراتهم اللغوية والكلامية، وكذلك على نموهم العاطفي، الاجتماعي والفكري. ومن المتوقع أن يؤدي التشخيص المبكر لضعف السمع بين الرضع والأطفال إلى زيادة فرصة تطوير المهارات والقدرات، على غرار الصبيان والفتيات الذين لا يعانون من ضعف السمع. لذلك، إذا كنت تشك في أن سمع طفلك أو طفلتك ليس طبيعيًا، فمن المهم أن تتوجهوا للفحص.
تشخيص ضعف السمع عند الرضع والأطفال
يتطلب تشخيص ضعف السمع إجراء تحقيق شامل ويتضمن عدة اختبارات: اختبار فحص السمع، اختبار السمع السلوكي واختبار السمع الموضوعي.
اختبارات السمع الموضوعية
اختبارات فحص السمع
- أول اختبار للسمع سيتم إجراؤه على الطفل أو الطفلة في اليوم الأول أو الثاني بعد الولادة، كجزء من الإقامة في المستشفى، هو اختبار فحص السمع الذي يسمى اختبار صدى القوقعة الصناعية (OAE - Oto Acoustic Emission). سيتم إجراء الاختبار أثناء النوم الهادئ أو الطبيعي، حيث سيتم خلاله إدخال سماعة أذن صغيرة في الفتحة الخارجية لقناة الأذن، وسيتم تشغيل الأصوات لكل أذن على حدى بقوة ثابتة وسيتم قياس ردود الفعل من الأذن الداخلية. يهدف هذا الاختبار إلى الكشف عن ضعف السمع في مرحلة مبكرة، وإحالة هؤلاء الأطفال إلى تشخيص شامل للسمع في أحد معاهد السمع. إذا أظهر الاختبار اشتباهًا في وجود صعوبة في السمع، فستتم دعوتكم لإجراء اختبار فحص متكرر.
- إذا تم الاشتباه في وجود ضعف في السمع في اختبار صدى القوقعة الصناعية، فستتم إحالتكم لإجراء اختبار فحص السمع من نوع آخر AABR - Automated Auditory Brainstem Response في المركز الطبي. أما بالنسبة للأطفال بعمر بضعة أيام، فسيتم إجراء الاختبار أثناء النوم الطبيعي، حيث سيتم خلاله ربط أقطاب كهربائية برأس الطفل، وسيتم تسجيل النشاط الكهربائي في مسارات العصب السمعي في جذع الدماغ، كاستجابة للصوت الذي سيتم إسماعه بقوة ثابتة.
اختبار السمع التشخيصي
إذا ظهر أيضًا من اختبار الفحص المتكرر أن هناك صعوبة في السمع أو إذا كان الأمر يتعلق بأطفال أكبر سنًا بقليل، والذين سيواجهون صعوبة في التعاون في الاختبار السلوكي، فستتم إحالتكم لإجراء اختبار السمع التشخيصي BERA - Brainstem Evoked Respone Audiometry أو الى إجراء إختبار ABR - Auditory Brain Stem Response. يتم إجراء الاختبار في المراكز الطبية المتخصصة بتشخيص السمع عند الرضع والأطفال الصغار، ولأنه من الضروري تشخيص ردود فعل العصب السمعي في جذع الدماغ، فيجب أن يكون الشخص في حالة "الراحة الحركية"، أي سيخضع الأطفال الصغار للاختبار أثناء النوم الطبيعي أو تحت التخدير. أثناء النوم، سيتم ربط أقطاب كهربائية برأس الطفل وستقوم بتسجيل النشاط الكهربائي في المسارات السمعية في جذع الدماغ، استجابة لسلسلة من الأصوات التي يتم تشغيلها من خلال سماعات الرأس بكثافة مختلفة. يبدأ الاختبار بأصوات بقوةٍ شديدة، ثم تتناقص تدريجيًا إلى أصوات منخفضة الشدة - حتى اختفاء الاستجابة العصبية، والتي تسمى "عتبة السمع".
اختبار السمع السلوكي
اختبار السمع السلوكي
إذا تم بالفعل تشخيص ضعف السمع، فستتم إحالتكم لإجراء اختبار السمع السلوكي. يتم إجراء الاختبار في غرفة صوتية مخصصة لاختبارات السمع، حيث ستجلسون مع طفلكم أو طفلتكم، وسيتم تشغيل أصوات مختلفة عبر مكبرات الصوت. في الأطفال الرضع الذين يبلغون من العمر بضعة أشهر فقط، أثناء الفحص، سيراقب الأطباء ردود الفعل الجسدية للأطفال، عند سماع الأصوات، على سبيل المثال: رمش العينين، حركات الأطراف، فتح العينين، التوقف عن مص اللهاية، وإدارة الرأس في اتجاه الصوت، والمزيد. سيراقبون أيضا ردود الفعل الجسدية التي تتناسب مع عمر الطفل او الطفلة ومرحلة نموه او نموها.
عندما يتعلق الأمر بالأولاد والبنات الأكثر نضجًا، الذين يظهرون فهمًا للغة وبراعم الكلام، سيُطلب منهم الإشارة إلى شيء سمعوا اسمه من خلال سماعات الرأس أو مكبرات الصوت. بالإضافة إلى ذلك، اعتمادًا على أعمارهم ومستوى تطورهم، سيتم تشغيل الأصوات لهم وسيُطلب منهم البحث عن مصدرها في الفضاء بمساعدة "الملاحظات المرئية"، أو تنفيذ إجراء لعبة، مثل ربط حلقة على منشور، في كل مرة يسمعون فيها أصواتًا ضعيفة. الهدف هو تشخيص عتبة السمع لمختلف الأصوات.
بعد إجراء الاختبارين (الموضوعي والسلوكي) وبناءً على النتائج، سيتم تحديد حد السمع من قبل أخصائي أو أخصائية علاج النطق. مع نتائج الاختبارات ستتوجهون إلى الطبيب او الطبيبة المعالجين الذي بدورهم سيوجهونكم وفقًا للنتائج إلى طبيب أنف وأذن وحنجرة ليقرر ما إذا كانت هناك حاجة إلى تدخل طبي أو ما إذا كان سيتم إحالتكم للتدخل التأهيلي.
من المهم أن تعرفوا
- حتى لو أظهرت اختبارات المسح لحديثي الولادة وجود اشتباه في ضعف السمع لدى الطفل او الطفلة، فهذا لا يعني أنها مشكلة سمعية دائمة. هذه اختبارات مسح فقط، ولا يمكنها أيضًا تحديد مستوى ضعف السمع. لاستكمال التحقيق يجب إجراء تشخيص سمعي شامل يتم من خلاله تشخيص ضعف السمع، خصائصه وأسبابه.
- سيتم إجراء اختبارات فحص واختبارات تشخيصية للرضع الذين لديهم عوامل خطر للصمم، أو سيتم إحالتهم مباشرة لإجراء اختبار تشخيصي.
- صندوق المرضى مسؤول عن ضمان خضوع جميع الأطفال الذين لم تكن اختبارات فحص السمع لديهم بعد الولادة سليمة، لتشخيص السمع في أقرب وقت ممكن وبأمل لغاية سن 3 أشهر - وذلك حتى يتمكنوا، إذا لزم الأمر، من البدء في إعادة تأهيل السمع بعمر 6 أشهر.
علامات يمكن أن تشير إلى صعوبة السمع
- الأطفال الذين لا يستيقظون على الأصوات العالية في بيئتهم.
- الأطفال الذين لا يخافون من الأصوات العالية أو الأصوات المفاجئة.
- الأطفال الذين لا يستجيبون للأصوات في بيئتهم، حسب أعمارهم.
- الأطفال الذين لا يبدون انتباهاً للأصوات المألوفة مثل صوت الأم وفتح الباب.
- الأطفال الذين لا يديرون رؤوسهم ويبحثون عن مصدر الصوت، في عمر الستة أشهر تقريبًا.
- الأطفال الذين لا يستخدمون أصواتهم في كثير من الأحيان، ويكون تنوع أصوات التمتمة لديهم محدودًا، في عمر 10-9 أشهر تقريبًا.
- الأطفال الذين لا يحاولون تكرار الأصوات التي سمعوها، في عمر 10 أشهر إلى سنة تقريبًا.
- الأطفال الذين لا يبدأون في إظهار فهم للأسئلة البسيطة أو التعليمات الأولية مثل: "وداعا" أو "أين الضوء؟"، من عمر سنة إلى 15 شهرا.
- الأطفال الذين لا ينطقون كلماتهم الأولى، من عمر سنة إلى 15 شهراً.
إذا لاحظتم واحدة أو أكثر من هذه العلامات، من المستحسن التوجه الى التشخيص الطبي، حيث سيتم في المرحلة الأولى استبعاد وجود انسدادات موضعية في الأذنين نتيجة الالتهابات والأمراض، وبعد ذلك سيتم إحالتكم للمزيد اختبارات السمع المتعمقة في مراكز السمع المعتمدة.
أنواع صعوبات السمع
هناك نوعان رئيسيان من صعوبات السمع عند الرضع والأطفال: ضعف السمع التوصيلي وضعف السمع الحسي العصبي.
ضعف السمع التوصيلي
ينجم ضعف السمع التوصيلي عن اضطراب في مرور الصوت من الخارج إلى الأذن الداخلية والعصب السمعي، ويمكن أن ينجم عن ضرر دائم أو عابر، بل ويؤدي إلى ضعف السمع بدرجات متفاوتة من الشدة. السبب الأكثر شيوعًا لفقدان السمع التوصيلي بين الرضع والأطفال هو تراكم السوائل في الأذن الوسطى.
ضعف السمع الحسي- العصبي
ينجم ضعف السمع الحسي- العصبي عن اضطراب في الأذن الداخلية أو العصب السمعي أو المسارات العصبية التي تنقل الصوت إلى الدماغ. الأسباب المحتملة لضعف السمع هي الالتهابات الفيروسية، على سبيل المثال: الحصبة الألمانية والحصبة، استخدام الأدوية التي تعرض الأذن الداخلية للخطر، والتعرض للضوضاء، الأدوية المضادة للالتهابات وغيرها.
لمعلومات حول اختبارات التشخيص الجيني قبل وأثناء الحمل
الأسباب الخلقية لضعف السمع عند الأطفال
ينتج فقدان السمع الوراثي عن وراثة جينة معيبة أو أكثر، من بين الجينات المسؤولة عن بناء الأذنين وتطورهما. في معظم الأطفال الذين يعانون من ضعف السمع، تكون مشكلة السمع هي المشكلة الوراثية الوحيدة. أما بالنسبة للبقية، فإن مشكلة السمع ليست سوى عرض واحد من بين عدة أعراض، تنتمي إلى نفس المتلازمة الوراثية.
يمكن أن يظهر ضعف السمع الخلقي نتيجة للعوامل التالية:
- طفرة في الجينات المشاركة في عملية السمع: تشير التقديرات إلى أن ما لا يقل عن نصف الحالات المشخصة لضعف السمع الخلقي والصمم الخلقي تكون بسبب الوراثة، أي - انتقال الجين المعيب من أحد الوالدين أو كليهما. هناك أكثر من 130 جينًا تشارك في عملية السمع، وفي الواقع يمكن لأي طفرة في أي منها أن تلحق الضرر بالسمع. وفي حوالي ثلث الحالات يظهر الصمم كعيب واحد من مجموعة العيوب التي تميز بعض المتلازمات الوراثية، على سبيل المثال: متلازمة آشر، متلازمة واردنبرج ومتلازمة ألبورت.
- مرض معدي للأم أثناء الحمل: إصابة الجنين بأمراض مثل الحصبة الألمانية، CMV، التوكسوبلازما والزهري، خاصة في الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل، يمكن أن يؤدي إلى الإضرار بالسمع إلى حد الصمم الجزئي أو الكامل. إن المراقبة المنتظمة للحمل، والتي تشمل اختبارات الدم لتشخيص الأجسام المضادة للأمراض المسؤولة عن معظم حالات العدوى داخل الرحم (يمكن التحقق من ذلك خلال مرحلة التخطيط للحمل)، يمكن أن تحدد وحتى تمنع حالات من هذا النوع. على سبيل المثال، إذا تم اكتشاف عدم وجود أجسام مضادة للحصبة الألمانية لدى المرأة قبل الحمل، فيمكنها الحصول على التطعيم قبل الحمل.
- مجموعة من العوامل الوراثية والبيئية: على سبيل المثال، ضعف السمع الذي يحدث لدى الطفل او الطفلة بعد تناول الأم دواء سام للأذن أثناء الحمل (دواء يمكن أن يسبب ضرراً للأذن الداخلية). تطور غير طبيعي للجهاز السمعي في المراحل المبكرة من نمو الجنين. حالات الطوارئ قرب الولادة أو بعدها مباشرة، والتي قد تسبب ضعف السمع إلى حد الصمم، على سبيل المثال: الولادة المبكرة، اليرقان الوليدي لفترة طويلة مع ارتفاع قيم البيليروبين، التنفس الاصطناعي لفترة طويلة.
فحص السمع لطلاب المدارس
سيتم إجراء فحص السمع للطلاب قرب وقت دخولهم المدرسة، في الصف الأول، وكذلك لطلاب الصف الثاني، الذين لم يجتازوا الفحص عندما كانوا في الصف الأول. الطلاب الذين تم تشخيص إصابتهم بضعف السمع ويستخدمون أدوات مساعدة للسمع أو زرعات، لا يحتاجون إلى اجتياز الفحص.
لمعلومات حول فحوصات السمع في المدرسة
إعادة تأهيل السمع
منذ لحظة تشخيص إصابة الطفل او الطفلة بضعف السمع، سيتم تكييف عملية إعادة التأهيل السمعي لكل حالة على حدى. إن إعادة التأهيل باستخدام الوسائل التكنولوجية، مثل المعينات السمعية والمزروعات، تفتح الباب أمام الأولاد والبنات لعملية إعادة تأهيل طويلة ستشمل أيضًا التعلم السمعي، التدريب على السمع وعلاجات السمع والنطق لاكتساب مهارات النطق واللغة السليمة.
للمزيد حول إعادة تأهيل السمع عند الرضع والأطفال
لتقديم طلب للحصول على مساعدة في تمويل معينات وأجهزة سمعية للأطفال حتى سن 18 سنة
التأقلم والحصول على المساعدة
إن تشخيص الإعاقة عند الأطفال هي عملية تطرح تحديات، خاصة بالنسبة للوالدين. من الطبيعي والمشروع حقًا أن تشعروا بمشاعر متنوعة، مثل القلق، الحزن والغضب، ومن المهم أن تعرفوا أنها جزء من عملية التكيف التي عادة ما تنتهي بالاكتمال. من المهم أن تكونوا على دراية بوجود كل هذه المشاعر، وإذا لزم الأمر، اللجوء إلى المحادثة، ولدعم والمساعدة العاطفية.