العلاج النفسي للمراهقين
إذا كان ابنكم المراهق أو المراهقة يعاني من ضائقة نفسية، فحتماً ترغبون في مساعدته، ولكن في بعض الأحيان يكون الأمر صعبًا للغاية. يمكن أن تصبح المعارك معهم لا تطاق، وفي بعض الأحيان يواجهون قلقًا كبيرًا أو اكتئابًا أو اضطرابًا في الأكل أو مشاكل أخرى. في حال طلبتم المساعدة وتمت إحالتكم إلى رعاية الصحة النفسية، فقد يكون لديك العديد من الأسئلة حول العلاج. ولمساعدتكم في هذه الفترة المربكة، قمنا بتجميع كافة المعلومات التي ستساعدك على دخول العلاج بأمان وبطريقة جيدة.
يواجه الأطفال والمراهقون والبالغون أحيانًا ضائقة نفسية كبيرة، مما يؤثر على الأداء ويسبب معاناة كبيرة. إذا كان ابنكم أو ابنتكم يواجه مثل هذا المأزق، فمن المستحسن التوجه إلى أخصائي في مجال الصحة النفسية حتى تحصل على أفضل الأدوات المهنية. يوصى بترتيب جلسة تعارف مع أحد العاملين في مجال الصحة النفسية في صندوق المرضى، المجلس المحلي، البلدية أو المدرسة.
سُررت بلقائك: "Intake"
تهدف جلسة التعارف، والتي تسمى أيضًا "Intake"، للتعرف بعمق على الوالدين وعلى الصبي أو الفتاة. خلال جلسة التعارف، سيُطلب منك مشاركة خلفيتك الشخصية والعائلية مع المختص، وذلك لفهم الصعوبات وشدتها وتحديد النقاط الرئيسية التي يجب التركيز عليها في العلاج. يتمتع المتخصصون في مجال الصحة النفسية بخبرة كبيرة في التشخيص والعلاج، لذا من المهم أن تشارك معهم المعلومات بشكل علني ولا تخفيها. لا يوجد ما يدعو للقلق، حيث أنهم ملتزمون بقوانين السرية الطبية، لذا فإن أي معلومات يتم الإدلاء بها خلال الجلسات ستبقى بينكم.
في نهاية جلسة التعارف سيتم إعداد ملخص يتم خلاله عرض نتائج التقييم وتقديم التوصيات بشأن خطة التدخل المناسبة. يمكن أن تشمل التوصيات: إرشاد للوالدين، العلاج الفردي، العلاج الجماعي، العلاج النظامي (على سبيل المثال، التوصية بتغيير الصف أو الإطار التعليمي)، وعوامل أخرى يمكن أن تساعد، مثل الإحالة إلى استشارة طبيب نفسي لمناقشة التشخيص وتقديم خطة تدخل (تشمل في بعض الأحيان استخدام الأدوية)، أو التوصية على إطار علاجي مناسب (عيادة، الاستشفاء النهاري، الاستشفاء الكامل، وما إلى ذلك).
بعد تحديد خطة التدخل، ستتم إحالتك إلى متخصص مناسب من مجالات العلاج المختلفة، بما في ذلك: علم النفس السريري، علم النفس التربوي، العلاج النفسي، العمل الاجتماعي السريري، العلاج بالفن والإبداع أو العلاج الوظيفي في مجال الصحة النفسية. تتنوع طرق العلاج العاطفي، لكن لها أساس مشترك ومن المهم أن تشعر بالراحة عند طرح الأسئلة وفهم الخطة المناسبة بالضبط.
من هنا، في الوقت المتاح لبدء العلاج (يتعلق بالضغط)، ستبدأ جلسات أسبوعية (أو أكثر حسب شدة الحالة) وذلك لإعطاء الوقت والمساحة لتتم العملية النفسية.
طرق العلاج
هناك مجموعة متنوعة من طرق العلاج التي ثبت أنها فعالة للمراهقين الذين يعانون من الاضطرابات النفسية. كل طريقة مناسبة لأنواع مختلفة من الصعوبات، لذلك من المهم تكييف نوع العلاج مع طبيعة الصعوبة والاحتياجات الفريدة للمراهق.
فيما يلي بعض الطرق المعتمدة اليوم:
إلى جانب العلاج، من المهم أن تفهموا ما الذي يشجع ويقوي ابنكم أو ابنتكم، وإتاحة الاتصال والاستثمار في الأماكن التي يشعرون فيها بالقوة والأهمية، على سبيل المثال من خلال العمل التطوعي المنتظم، تنمية الاهتمامات، النشاط البدني، مجموعة اجتماعية، حركة الشبيبة وتعزيز العلاقات الإيجابية مع الكبار أو اختيار إطار تربوي مناسب أكثر لهم.
التغيير يبدأ من الأهل
ليس من المستحسن "تسريع" العمليات النفسية، ومن المحتمل أن يحتاج كل من الوالدين والطفل او الطفلة إلى عدة جلسات حتى يتم تحقيق الشعور بالأمان والقدرة على إحداث التغيير. عندما يتعلق الأمر برعاية الأطفال أو المراهقين، فإن إرشاد الوالدين أمر بالغ الأهمية. السبب في ذلك يكمن في حقيقة أن الأعراض النفسية تحدث داخل الأسرة والمساحة العاطفية، وبالتالي فإن قيمتكم وأهميتكم كآباء في عملية التغيير هائلة. أنتم العامل الأكثر أهمية في إحداث التغيير، وقدرة ابنكم أو ابنتكم على خوض هذا التغيير تعتمد على قدرتكم على أن تكونوا متفرغين لفهم الصعوبة وتلقي التوجيه حول كيفية الاستجابة لهم بدقة.
نحن الأهل، غالبًا ما نحمل معنا تعقيداتنا وصعوباتنا العاطفية، النفسية، الزوجية إلى الفضاء العائلي، لذلك سنحتاج أيضًا في كثير من الأحيان إلى المرافقة من أجل إحداث التغيير.
المزيد من التعاطف والتقليل من إصدار الأحكام
قد يختلف العلاج العاطفي للمراهقين عن العلاج العاطفي للبالغين، لأنه في كثير من الأحيان يأتي الدافع والرغبة في العلاج من الوالدين، في حين أن ابنهم أو ابنتهم لا يهتمون به أو لا يتفقون مع النقد أو مع تعريف المشكلة كما يراها الكبار من حولهم. وفي كثير من الأحيان يشعرون أيضًا بالخجل من الحضور للعلاج، أو الغضب من الوالدين حتى لطرح الفكرة أو أنهم يلومونهم بأن المشكلة برمتها تتعلق بهم. وهذا أمر شائع بشكل خاص عندما يكون هناك توتر كبير بين الوالدين والطفل او الطفلة، أو عندما يكون هناك توتر أسري وصراعات طويلة الأمد مثل التوتر بين الزوجين، إجراءات الانفصال وما إلى ذلك. بالإضافة إلى ذلك، هناك العديد من المشاكل النفسية التي يصعب إدراكها، مثل اضطرابات الأكل والاضطرابات الذهانية. في الوقت نفسه، بالطبع هناك مراهقين يبدأون العلاج بأنفسهم، وبالتالي فهم يبدون أقل معارضةً لهذا الموضوع.
على أية حال، من المهم دائمًا أن تضعوا أنفسكم مكانهم: فكروا في مدى صعوبة اتخاذ قرار التوجه للعلاج، تنمية الوعي بأن التغيير مطلوب وتنفيذه بالفعل - حتى عندما نرغب بذلك.
من الشائع جدًا أن يشعر الصبي أو الفتاة الذين يتم إحالتهم للعلاج بضعف الثقة بالنفس، الشعور بالانفصال أو الغضب تجاه الوالدين الذين يبدو بأنهم يحكمون عليهم ولا يفهمونهم. يميل أولئك الذين يواجهون صعوبات مزمنة إلى الشعور بأن البيئة تصدر عليهم الأحكام ولا تحتويهم بعد أن تحملوا سنوات من الصعوبات داخل الأسرة، النظام التعليمي والاجتماعي.
من أجل القدوم مستعدين لعملية التشخيص والعلاج، من المهم جدًا القدوم من مكان متعاطف ولا يُصدر الأحكام. اجلس مع ابنكم أو ابنتكم للتحدث، أو اخرجا في نزهة على الأقدام وتحدثا بصراحة وبهدوء عن الصعوبات وعن فرصة مقابلة مختص سيساعدكم ويساعده على الشعور بالتحسن قليلاً. من المهم إعطائه الوقت لاستيعاب المحادثة وعدم الضغط عليه، بل السماح له بالتفكير لبضعة أيام ومحاولة الوصول إلى أقصى قدر من التعاون. في بعض الأحيان، عندما تكون هناك معارضة قوية والحالة النفسية ليست جيدة، فمن المستحسن حجز جلسة للوالدين مع أحد المتخصصين لتلقي التوجيه والمساعدة.
نصائح للتعامل مع الوصمات
غالبًا ما تكون الضائقة النفسية مصحوبة بالتستر، الخوف والآراء المسبقة. ولسوء الحظ، فإننا نعيش في مجتمع لا يزال، في بعض الأحيان، يفشل في احتواء الصعوبات والعواقب المترتبة على الاضطرابات النفسية. وبناء على ذلك، يشعر العديد من المضطربين نفسيًا بالوحدة ويتجنبون مشاركة البيئة بما يمر عليهم، وذلك بسبب الخجل والخوف من التعقيدات العائلية والشخصية، الانتقادات وإصدار الأحكام. من المهم الإشارة إلى أنه هناك أيضًا مجتمعات ومجموعات معينة تنظر إلى الاضطرابات النفسية وكأنها وصمة عار شديدة جدًا، مما يجعل الحاجة والرغبة في المشاركة أكثر صعوبة.
وفي الوقت نفسه، تجدر الإشارة إلى أن المجتمع الإسرائيلي شهد تغيرًا كبيرًا في السنوات الأخيرة فيما يتعلق بالاضطرابات النفسية، وأصبح ينظر بكثير من التعاطف والانفتاح إلى الاضطرابات النفسية وهناك إجماع واسع في المجتمع بأن الوقت قد حان للتغيير وأنه من الضروري تطوير نظام الصحة النفسية والقدرة على إعادة التأهيل والاندماج داخل المجتمع.
وبناءً على ذلك، عندما يمر المراهقون بضائقة، فمن المهم تشجيعهم على مشاركة البالغين الذين يثقون بهم والحفاظ على أنفسهم وخصوصيتهم أمام دائرتهم الاجتماعية. إذا كان لدى الطفل او الطفلة صديق أو صديقة مقربة أو شريك، فمن المفيد تشجيع مشاركة الموقف معهم، إعطاء معلومات دقيقة دون إرباك ودون إسقاط العبء الثقيل للصراع النفسي، بل محاولة تقديم المساعدة لهم بطريقة إيجابية تحترم الحدود الشخصية والصداقة.
عندما يكون الاضطراب جليًا للغاية ولا يمكن إخفاؤه، يوصى باستشارة أخصائي في المدرسة أو مختص الصحة النفسية في صندوق المرضى، من أجل توسط الموضوع للأطفال الآخرين في الصف أو المجموعة ومن أجل تقليل كشف المعلومات الشخصية قدر الإمكان. على سبيل المثال: إذا كان طفل او طفلة يعاني من فقدان الشهية، فمن المهم التوسط في ذلك لبقية طلاب الصف ومحاولة فهم ما إذا كان هناك أطفال او طفلات آخرون يعانون أو يحتاجون إلى الدعم.
الأطر العلاجية المتاحة في إسرائيل
يوجد اليوم العديد من الأطر العلاجية التي تتناول موضوع الصحة النفسية، والتي يمكنك الاستعانة بها لمساعدة أبنائكم المراهقين:
- الدعم الإقليمي: يُنصح بالاستفسار عن نظام الدعم المحلي أو البلدي القريب منك. يمكنك استشارة طبيب الأسرة أو مستشاري المدرسة للتعرف على الموارد ذات الصلة.
- العلاج عن بعد: اليوم يوجد أيضًا نظام للصحة النفسية يعمل عن بعد، من خلال اجتماعات عبر تطبيق الزوم أو المكالمات الهاتفية وهو مناسب بشكل خاص للمراهقين.
- الدعم المجتمعي: صناديق المرضى المختلفة هي المزود التأميني في مجال الصحة النفسية، لذا يجب عليك الاستفسار منها بخصوص الخدمات ذات الصلة التي يقدمها صندوق المرضى الذي تنتسبون إليه.
- تحصيل الحقوق: من الجيد الاستفسار من التأمين الوطني أو مراكز "ياد مخفينيت" أو غيرها من المنظمات التي تساعد في تحصيل الحقوق الطبية، ما إذا كانت هناك موارد وحقوق أخرى تستحقها بسبب حالتك النفسية.
- أنظمة الدعم البلدية: يمكن أن تشمل هذه الأنظمة الخدمات النفسية التعليمية، خدمات الاستشارة، وعيادات الصحة النفسية التابعة للدولة وغيرها من المنظمات، بما في ذلك المنظمات الأسرية التي يمكنها تقديم الدعم الأسري للوالدين.
- مجموعات الدعم أو مجموعات المهارات الاجتماعية: توفر مساحة آمنة للالتقاء والمشاركة مع الشباب الآخرين الذين يواجهون تحديات مماثلة. تعمل هذه المجموعات في إطار صناديق المرضى، المراكز المجتمعية وجمعيات مختلفة.
ينصح بالتعرف على جميع الحلول الدقيقة التي تناسب الحالة الفردية لابنكم أو ابنتكم، حتى تتمكن من معالجة المشكلة من جذورها وتكون شريكًا كاملًا في إيجاد طريق التعافي والشفاء.
من المهم أن تعرفوا
من المهم أن تعرفوا
عندما تتضمن المعاناة خطورة أو ميلًا للانتحار، فإن مستشفيات الطب النفسي هي خط العلاج الأول الذي يمكنكم اللجوء إليها دون إحالة ودون التزام على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، إذا استدعت الضرورة.
الأهل الأعزاء، لا شك لدينا في أن التعامل مع الاضطراب النفسي الذي يعاني منه ابنكم أو ابنتكم قد يسبب الكثير من القلق والمخاوف، وأحيانا حتى الشعور بالعجز. من المهم أن تتذكروا أنكم لستم وحدكم - يوجد اليوم العديد من الجهات التي يمكنها المساعدة والمختصين المهرة الذين يمكنهم مساعدتكم ومساعدة أحبابكم في طريق التعافي. طلب المساعدة هو خطوة أمل ومسؤولية أبوية، وليس خطوة فشل. تذكروا أنه كما ترافقون أطفالكم في اللحظات الصعبة، فإن المنظومة المهنية سوف ترافقكم أيضًا. من خلال التحلي بالصبر، التعاطف والدعم المناسب، من الممكن التغلب على هذه الفترة الصعبة والنمو منها.