رعاية الصحة النفسية من خلال الوسائل الرقمية والتكنولوجية
لقد أصبح استخدام التكنولوجيا للأغراض الطبية، بما في ذلك في مجال الصحة النفسية، أمرًا شائعًا ومقبولًا. إن رعاية الصحة النفسية باستخدام الوسائل التكنولوجية والرقمية تجعل الخدمات العلاجية في متناول الجميع ويمكن أن تكون مناسبة للمرضى الذين يعانون من مجموعة متنوعة من الحالات، مثل صعوبات التنقل، العيش في مواقع نائية تتطلب وقت سفر طويل إلى موقع العلاج، أو عبء عمل كبير لا يسمح لهم بالوصول إلى العلاج في الوقت المحدد.
هناك طريقتان رئيسيتان لدمج التكنولوجيا في رعاية الصحة النفسية:
-
العلاج عن بُعد مع المعالِج:
عبر الهاتف، مكالمة فيديو أو عبر الدردشة.
-
العلاج المقدم بالوسائل الرقمية
تطبيق، برنامج، أو ملحق تكنولوجي، يتم استخدامه للتشخيص، التقييم والمتابعة أو العلاج والذي يتم التعرف عليه من قبل صندوق التأمين الصحي أو مقدمي خدماته.
العلاج الرقمي أو الهجين
يمكن تقديم الخدمة رقميًا فقط (بدون لقاءات وجهاً لوجه) أو بطريقة مختلطة، أي: مزيج من الجلسات العلاجية وجهاً لوجه مع مكالمات الفيديو والدردشة، أو العلاج عبر تطبيق أو موقع إنترنت مع معالِج بشري يرافق العملية في الخلفية. على سبيل المثال: لقاء وجهاً لوجه مرة واحدة في الشهر ولقاءات عبر الإنترنت في الأسابيع بينهما. مثال آخر على العلاج الهجين هو عندما يتم إجراء معظم العلاج باستخدام التكنولوجيا، ويقوم المعالج البشري بمرافقة العملية عن بعد باستخدام الوسائل التكنولوجية، وفي بعض الأحيان يتم الجمع بين الجلسات عبر الإنترنت أو الجلسات الجسدية (الطب عن بعد).
من يناسبه العلاج الرقمي؟
عندما تنشأ الحاجة أو يتم عرض إمكانية تقديم العلاج عن بعد، فمن المهم أن يستفسر المعالِج من المريض عن تفضيلاته وقدراته كجزء من المناقشة العلاجية. وهذه هي الجوانب التي يجب التحقق منها:
- التوجيه الرقمي: المعرفة، المهارة والإلمام بالأنظمة الرقمية بشكل يسمح للمريض بالتعامل مع الوسائل التكنولوجية المختلفة واستخدامها.
- المعدات المناسبة: هل يمتلك المريض المعدات اللازمة للعلاج عن بعد، على سبيل المثال: حاسوب، إنترنت، هاتف ذكي أو جهاز لوحي.
- الظروف المادية: وهي الظروف المناسبة لإجراء محادثة أو عمل علاجي بهدوء وتركيز وراحة وخصوصية.
أهمية العلاقة بين المعالِج والمريض
إلى جانب استخدام الخدمات الطبية عن بعد، فإن اللقاء وجهاً لوجه بين المريض والمعالج له أهمية كبيرة، ولذلك فإن العلاج الموصى به غالباً ما يكون هجيناً. يتيح لك هذا المزيج الاستمتاع بفوائد اللقاء الإنساني المباشر إلى جانب مزايا اللقاء عن بعد أو استخدام تقنيات العلاج.
ومع ذلك، من المهم أن نذكر أنه من حيث فعالية العلاج، لم يتم العثور على فرق كبير بين العلاج وجهاً لوجه والعلاج بواسطة معالِج بشري باستخدام الوسائل الرقمية. بالإضافة إلى ذلك، وجد أنه عندما يتم إضافة غلاف علاجي تكنولوجي إلى العلاج، فإن هذا يمكن بالتأكيد أن يساعد في تحقيق أهداف العلاج.
فوائد العلاج من خلال دمج تقنيات للمريض
يمكن أن يوفر دمج التقنيات في العلاج، والذي يتم إجراؤه بشكل احترافي ومصمم خصيصًا للمريض، في معظم الحالات ما يلي:
مساهمة التكنولوجيا في إدارة العلاج
إن الوسائل التكنولوجية المتقدمة الموجودة اليوم تساعد وتحسن قدرة المعالجين والمختصين على إجراء المتابعة، الاستجابة السريعة للمريض، والمساعدة بعدة طرق:
- التقييم السريري لحالة المريض وتوجيهه بشكل سريع إلى قناة العلاج المناسبة لحالته.
- المتابعة والرصد المستمر للحالة النفسية للمريض: في كثير من الأحيان يتم دمج المراقبة في النظام التكنولوجي بشكل تلقائي ومستمر.
- تنسيق العلاج وتبادل المعلومات بين عدة المعالجين من مختلف مواضيع الصحة النفسية الذين يعالجون نفس المريض.
- يمكن للنظام، باستخدام خوارزمية تتكون من سلسلة من القواعد، تحديد الأولوية لمقدم الرعاية المهنية فيما يتعلق بضرورة التعامل مع طلب الخدمة. يمكن للنظام أيضًا تنبيهك إلى ضرورة البدء في الاتصال بالمريض، بناءً على البيانات الواردة في النظام عنه.
الوسائل التكنولوجية لعلاج الصحة النفسية
إن العلاج باستخدام التطبيقات العلاجية والذي لا يتم أمام المعالج قد يثير بعض المخاوف لدى المرضى. ومن المهم أن نعرف أن دواعي استعمال هذه العلاجات هي الحالات الخفيفة أو المتوسطة، حيث يكون العلاج منظماً ويعتمد على بروتوكولات سلوكية معرفية مقبولة في العالم السريري. يتم استخدام تقنية الذكاء الاصطناعي حاليًا بشكل أساسي لأغراض التقييم الأولي والدعم. على أية حال، هناك إشراف ورقابة مهنية على محتوى وفعالية التدخل من قبل خبراء الصحة النفسية. وتتم هذه المراقبة من خلال آليات منظمة تدرس فعالية وتقدم العلاج. في بعض المواقف، يمكن للنظام تحديد المواقف التي تتطلب تدخل متخصص وإبلاغك بها. إلى جانب كل هذا، يسمح لك النظام أيضًا بطلب المساعدة أو التوجيه أو زيادة شدة العلاج.
تأمين المعلومات والحفاظ على خصوصية المريض وسريته
عندما يتم إجراء العلاج عبر الإنترنت مباشرة من خلال تطبيقات صناديق المرضى أو من خلال الإحالة بشكل صريح إلى التكنولوجيا العلاجية، فمن المرجح أن تتم العملية برمتها بشكل آمن من البداية إلى النهاية، وفقًا للتعميم الصادر عن المدير العام في مجال معايير تشغيل خدمة الرعاية الصحية عن بُعد. ومع ذلك، عندما يتعلق الأمر بالإحالة إلى مزود خارجي أو استخدام تكنولوجيا غير موجودة في تطبيق صندوق المرضى، فمن المفيد التحقق مع صندوق المرضى أو الطرف المهني المعالج أو المحيل من أن الخدمة تلبي بالفعل المعايير في هذا المجال.
رعاية الأطفال عن بعد
على عكس العلاج للبالغين، يتم علاج الأطفال في كثير من الأحيان بالتعاون مع الوالدين، من خلال أنشطة اللعب المشتركة، والجمع بين مختلف الوسائل المادية، مثل الدمى، البطاقات، صندوق الرمل، والمزيد. في العلاج باستخدام التكنولوجيا، يمكن دمج الألعاب التفاعلية، مثل الألغاز، ألعاب الذاكرة، ألعاب المطابقة، وما شابه ذلك. في بعض الأحيان يتم استبدال المعالج بشخصية كرتونية أو مقاطع فيديو متحركة ترافق الطفل أثناء العلاج. أي أن العلاج يعتمد على الطرق المعروفة والمتداولة في العلاج الوجاهي، والفرق هو في المنصة التي تخلق البيئة العلاجية.
من المهم أن نذكر أن تقديم العلاج للطفل بطريقة رقمية، والذي يتم عندما يكون الطفل مع أحد الوالدين جسديًا، يخلق تجربة فريدة تجمع بين أهم اتصال إنساني في حياة الطفل والرعاية التفاعلية، عالية الجودة، السريعة والمتاحة والتي تتناسب مع احتياجاتهم وتشجع مشاركتهم في العملية العلاجية.
رعاية المراهقين عن بُعد
غالبًا ما يواجه المراهقون والشباب صعوبة في الوصول إلى العلاج والانخراط فيه نفسيًا وملاءمته مع أولوياتهم. ولهذه الأسباب، فإنهم غالبًا ما يواجهون صعوبة في الاستمرار في العلاج ويتوقفون عنه. إن استخدام الوسائل التكنولوجية، مثل التطبيقات المختلفة، يسمح للشباب بالتواصل مع العلاج والاستمرار فيه على مدى فترة من الزمن. إن المرونة والتكيف مع الإطار والأدوات العلاجية يمكن أن تجعل من الأسهل بالنسبة لهم التعامل مع الحواجز التي تميز المراهقين المختلفين، مما يتيح لهم التوافر وإمكانية الوصول، التفاعل والقدرة على الاختيار والانتقال بين البدائل، المحادثة على مستوى العين وخلق شراكة مع المعالج لتحقيق الهدف المشترك (نأمل بأنه متفق عليه). ومن المهم التأكيد على أن المراهقين والشباب يحتاجون إلى علاقة علاجية مبنية على الثقة مع شخصية علاجية ثابتة وتحديد حدود المنطقة التي يمكنهم العمل ضمنها. وبهذا المعنى، فإن الجمع بين الظروف التي تتيحها التكنولوجيا والعلاقة الإنسانية مع المعالج المحترف يمكن أن يؤدي إلى النتائج المرجوة.