البكاء المتواصل: أسباب البكاء وطرق التهدئة
الوالِديّة تُغير حياتنا بطرق عديدة. في هذه الرحلة الطويلة هناك لحظات من السعادة، وهناك تعلم لا ينتهي، وهناك أيضًا لحظات من الأزمات. قد يكون البكاء المطول لطفلنا أو طفلتنا إحدى لحظات الأزمة، ويبدو أحيانًا أنه يستمر لساعات. لماذا يبكون؟ كيف يمكن تهدئة البكاء؟ من المهم أن نفهم سبب البكاء ومعرفة طرق التهدئة، ولكن ليس أقل من ذلك – من المهم أن ندرك أننا نقترب من لحظة قد نفقد فيها التوازن وضبط النفس. وهذا ينطبق على جميع الأهل، وكذلك على أي شخص يعتني بالأطفال مثل الأجداد أو طاقم العاملين في الحضانة.
البكاء كوسيلة تواصل
يلعب البكاء دورًا مهمًا في إنشاء رابطة بينك وبين طفلك أو طفلتك. في الواقع، في بداية الحياة، يعد البكاء أحد أهم الطرق التي يعبر بها الأطفال عن رغباتهم واحتياجاتهم. إن الاستجابة بحساسية وفعالية لاحتياجات الأطفال وصرخاتهم ستساعدهم على اكتساب الثقة في البالغين من حولهم.
في الأشهر الثلاثة الأولى من عمر الأطفال هم يبكون عادة لمدة 2 إلى 3 ساعات في اليوم. هناك اختلافات بين الأطفال المختلفين في وتيرة البكاء، مدته وشدته، وكذلك في المزاج، الشخصية والقدرة على تهدئة الذات. بشكل عام، يبكي معظم الأطفال أكثر في وقت متأخر بعد الظهر (نعم، بالضبط في تلك الأوقات التي يكون فيها الوالدان متعبان بالفعل). والخبر السار هو أن ذروة بكاء الأطفال في معظم الحالات تحدث في الأسابيع الأولى من عمرهم، وحتى عمر 3 أشهر، تنخفض تواترها وشدتها. ويعود هذا الانخفاض أيضًا إلى نمو الطفل، وأيضًا لأن الوالدين يتعلمان التعرف على علامات البكاء وفهم الاحتياجات.
التحدي الكبير: البكاء المتواصل
يعد التعامل مع البكاء المتواصل أحد أكبر التحديات التي يواجهها أهل الأطفال في مرحلة ما قبل المدرسة. مثل هذا البكاء، الذي يستمر لفترة طويلة، يمكن أن يسبب للوالدين أو مقدمي الرعاية مشاعر القلق، والصعوبة، الإحباط، التوتر والعجز، خاصة عند التعب الشديد. هذه المشاعر طبيعية، مألوفة وعادية، ولا تشير إلى وجود مشكلة لدى الطفل أو الطفلة أو لدى الوالدين.
قبل أن نصل إلى طرق التعامل مع مثل هذا البكاء، هناك بعض الأشياء التي من المهم معرفتها: لا يبكي الأطفال بسبب الدلال أو لكي يزعجوا، بل للتعبير عن احتياجاتهم. استمراراً لذلك، فإن حمل الطفل على اليدين لتهدئة البكاء لا يؤدي إلى الدلال. بالإضافة إلى ذلك، فإن البكاء المطول ليس علامة على سوء التربية، فهو يحدث للجميع. مع مرور الوقت، نتعلم كيف نتعرف على طفلنا، ونتعرف على أنواع البكاء المختلفة ونتجاوب وفقًا لذلك.
الأسباب الشائعة للبكاء والتعامل معها
عندما يبكي طفلنا أو طفلتنا، أول شيء يجب القيام به هو التحقق والعناية بالاحتياجات الأساسية، وهي الجوع، التعب أو الحفاضات التي تحتاج إلى تغيير.
إذا اعتنينا بكل هذه الأمور واستمر البكاء، فمن المهم التحقق مما إذا كان هناك شيء يسبب الألم أو الانزعاج: اخلع ملابس الطفل وتحقق مما إذا كان هناك شعرة ملتفة حول أحد أصابع اليدين أو القدمين، أو حشرة دخلت إلى الملابس ويضايق، وما إلى ذلك. إذا استمر البكاء، فربما تكون الحاجة إلى اللمس، القرب والمودة.
أيضًا، في بعض الأحيان يكون هناك فائض من المحفزات حوله وأحيانًا نقصها، وتحتاج إلى التحقق مما إذا كان التغيير في مستوى المحفزات يهدئ البكاء. يجب عليك أيضًا التحقق من الظروف البيئية، بحيث لا تكون شديدة الحرارة ولا شديدة البرودة. وأخيرًا، من المهم الانتباه إلى العلامات التي يمكن أن تشير إلى المرض، وقياس درجة حرارة الطفل أو الطفلة.
طرق تهدئة البكاء
إذا استمر البكاء رغم الاهتمام بالحاجات المختلفة، يمكنك التصرف بطريقة أو أكثر من الطرق التالية:
- التهدئة عن طريق اللمس، العناق، المداعبة أو التدليك الخفيف.
- التحدث والغناء للطفل أو الطفلة.
- حمله باليدين في وضع المهد أو أوضاع مسك أخرى، على سبيل المثال وضع الطفل أو الطفلة وبطنه على ساعد يدنا (وضعية تعرف باسم "النمر على الشجرة").
- عمل حمام دافئ للطفل أو للطفلة.
- تشغيل أصوات هادئة (مثل صوت الماء) أو موسيقى ممتعة.
- قم بالهز بخفة في الحامل، أو في عربة الأطفال، أو على اليدين مع دعم الرأس.
- الذهاب للنزهة في الخارج معًا. يساعد الخروج الى الخارج كلا من الأطفال والأهل على الاسترخاء.
يحتاج كل طفل وطفلة إلى مجموعة مختلفة من الإجراءات لتهدئة البكاء، ويتعلم الأهل من التجربة ما هي أفضل طريقة. يمكن لهذه التصرفات أن توقف البكاء، أو تقصر مدة البكاء، لكنه في بعض الأحيان يستمر لفترة طويلة رغم كل محاولاتنا لتهدئته. ومن الجدير بالذكر أن البكاء بحد ذاته، حتى لو طال أمده، لا يؤذي الأطفال ولكنه يظهر حاجتهم إلى التواصل. إذا استمر البكاء لفترة أطول بكثير من المعتاد، أو إذا كان هناك قلق من وجود مشكلة طبية، فيجب طلب الفحص من الطبيب أو الطبيبة المعالجين.
الحذر: ممنوع هزّ الأطفال
أطعمنا الطفل وغيرنا الحفاض له، هززناه، داعبنا، حممنا، تحدثنا وغنينا، ولا شيء يساعد. ليس من السهل الحفاظ على الهدوء مع البكاء المتواصل، ومن الصعب سماع أفكارنا لفهم ما يجب القيام به، ونحن نقترب من حالة فقدان السيطرة. وسط كل البكاء والمشاعر التي تنشأ فينا، من المهم أن نتذكر شيئا واحدا: ممنوع تحت أي ظرف من الظروف هز الأطفال.
غالبًا ما يتم هذا الهز كرد فعل على بكاء الأطفال لفترة طويلة، نتيجة للإحباط أو الضغط من جانب الوالدين أو مقدم الرعاية، في محاولة لإسكات البكاء. ينبغي التوضيح: من الممكن والمرغوب فيه هز الطفل قليلاً أثناء دعم رأسه. من ناحية أخرى، الهز هو حركة حادة وقوية تتم عندما يحمل شخص بالغ الطفل من ذراعيه أو أضلاعه أو جوانب جسمه ويهزه بقوة ذهابًا وإيابًا. ونتيجة للهز فإن رأس الطفل يتحرك بسرعة وبدون تحكم ذهاباً وإياباً. يمكن أن يعاني الأطفال والرضع الذين يتم هزهم بعنف من إصابات خطيرة في الدماغ والجسد. في بعض الحالات، قد يؤدي ذلك إلى تلف في الدماغ لا يمكن علاجه، وفي بعض الأحيان قد يؤدي إلى الوفاة.
معرفة كيفية تهدئة أنفسنا
إذا كنا ندرك خطورة فقدان السيطرة ونعرف مسبقًا الطرق التي يمكن أن تهدئنا - عندما يحدث موقف لا يتوقف فيه طفلنا أو طفلتنا عن البكاء، فسنكون قادرين على التعامل معه بطريقة جيدة ومتوازنة.
في المرحلة الأولى، من المهم أن ندرك أننا اقتربنا من فقدان السيطرة. في مثل هذه الحالة، حتى لو استمر الطفل أو الطفلة في البكاء، فلن نتمكن من تهدئته قبل أن نهدئ أنفسنا (تمامًا كما هو الحال مع قناع الأكسجين على متن الطائرة: أولاً يضعه الوالد على نفسه وبعد ذلك فقط على الطفل ).
في المرحلة الثانية، سنعمل على السماح لأنفسنا بالابتعاد عن الموقف لبضع لحظات، حتى نتمكن من الانتعاش والعودة بقوة متجددة:
- نضع الطفل أو الطفلة في السرير.
- نذهب إلى غرفة أخرى ونعود للاطمئنان على الطفل أو الطفلة كل بضع دقائق.
- نأخذ نفساً عميقاً ونحاول الاسترخاء.
- نقوم بإعداد شيء ساخن أو بارد لأنفسنا لنشربه.
- نتصل بشخص مقرب من أفراد العائلة، من الأصدقاء أو الجيران ونشاركه الصعوبة.
- سوف نطلب المساعدة من شخص يمكننا أن نثق به، لرعاية الطفل أو الطفلة أثناء أخذ قسط من الراحة.
اتصلوا بـمركز رعاية الأم والطفل عبر الهاتف: خلال ساعات العمل يمكنكم أيضًا الاتصال بالخط الساخن للممرضات في ـمركز رعاية الأم والطفل والتشاور مع الممرضة حول ما يمكن القيام به.
هاتف: 5400*، اختر الخط الساخن الروتيني، تحويلة رقم 9.
ساعات العمل: من الأحد إلى الخميس - من الساعة 16:00 حتى الساعة 21:00. يوم الجمعة - من الساعة 8:00 صباحًا حتى الساعة 1:00 ظهرًا.
العناية بأنفسنا أيضًا: إذا كنا نواجه صعوبة مستمرة في التعامل مع البكاء ورعاية الطفل أو الطفلة، أو كان هناك تعب متراكم ونفاد صبر مع مرور الوقت، فيجب علينا طلب العلاج العاطفي أو الجسدي (مثل التدليك) بأنفسنا.
من المهم أن نتذكر دائمًا: البكاء لا يقتل، في حين أن الهزّ يقتل.